المواضيع الأخيرة
» تحميل كتاب "تحفة العروس أو الزواج الإسلامي السعيد"
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالأربعاء أبريل 17, 2024 9:24 am من طرف profost

» الخطوات الأساسية لاختيار السباك المناسب في الرياض
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالأربعاء فبراير 21, 2024 7:39 pm من طرف gamal

» تحميل كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة مالك بن أنس رواية يحي بن يحي الليثي
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالخميس فبراير 15, 2024 7:55 pm من طرف profost

» تأثير تراكم الرواسب على صحة الهواء والصحة العامة: دراسة حالة في الرياض
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالخميس فبراير 15, 2024 5:36 pm من طرف gamal

» الكهرباء الآمنة تبدأ من هنا: كيفية اختيار كهربائي معتمد لمنزلك في الرياض
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالخميس فبراير 15, 2024 3:07 pm من طرف gamal

» تحقيق التوازن الحياتي: كيف يُسهم مكتب الشغالات في تقديم الدعم الأسري؟
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالخميس ديسمبر 28, 2023 10:30 pm من طرف gamal

» رفاهية الهواء البارد: خدمات شركة صيانة مكيفات في شمال الرياض
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 27, 2023 2:37 pm من طرف gamal

» مكاتب شغالات في مدينة نصر: تحسين جودة الحياة المنزلية
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 27, 2023 9:48 am من طرف gamal

» نظافة فائقة: استعراض لأفضل شركات تنظيف المنازل في مدينة نصر
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 27, 2023 7:57 am من طرف gamal

» تنظيف وتعقيم: شركة صيانة مكيفات تفوق التوقعات في شرق الرياض
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 25, 2023 11:32 am من طرف gamal

» في ظل الحرارة: كيف تعتني شركتنا بمكيفاتك في غرب العاصمة؟
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 25, 2023 10:39 am من طرف gamal

» تنظيف فعّال وبيئي: رحلة استخدام البخار في تحسين نظافة وصحة الكنب في الرياض
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 25, 2023 9:07 am من طرف gamal

» شركات تنظيف الكنب بالرياض: تلميحات حول الاختيار الأمثل
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالسبت ديسمبر 23, 2023 9:29 pm من طرف gamal

» المهنية والجودة: كيف يساهم مكتب الترجمة المعتمد في نجاح الأعمال في سوق مدينة نصر؟
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 18, 2023 3:41 pm من طرف gamal

» Exercice 10: Systèmes mécaniques oscillants || Pendule pesant (Examen national 2010) || 2BAC
 الابتلاء والصبر Icon_minitimeالأحد مايو 28, 2023 4:01 pm من طرف Admin


 الابتلاء والصبر Coverالموطأ للامام مالك بن أنس - رواية يحي بن يحي الليثي

 الابتلاء والصبر %25D8%25AA%25D8%25AD%25D9%2581%25D8%25A9%2B%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D8%25B1%25D9%2588%25D8%25B3تحميل كتاب "تحفة العروس أو الزواج الإسلامي السعيد"

 الابتلاء والصبر 35058666._SX318_كتاب ''الثقة الفورية'' لبول ماكينا

 الابتلاء والصبر 63884321153sتحميل رواية الخيميائي لباولو كويلو


 الابتلاء والصبر 0000503075تحميل كتاب أنتيخريستوس

 الابتلاء والصبر Df175c197343784d206f920819480306.pngتحميل كتاب الكون الأنيق لبرايان غرين

 الابتلاء والصبر 95730e2b4ba704e0e1f7752bc3d927e2.jpgتحميل كتاب أينشتين والنسبية pdf الكاتب مصطفى محمود

 الابتلاء والصبر %D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86-%D8%B9%D9%85%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%86تحميل كتاب الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون لستيفن وينبرغ

 الابتلاء والصبر 15305تحميل كتاب الحرية أو الطوفان ل د. حاكم المطيرى

 الابتلاء والصبر 17841329._UY546_SS546_تحميل كتاب ''الإنسان الصرصار'' لفيودور دوستويفسكي

 الابتلاء والصبر 1023770_1200x1791تحميل كتاب أحجار على رقعة الشطرنج

 الابتلاء والصبر AM5ffzaمائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ

 الابتلاء والصبر Fq775Qzرواية 100 عام من العزلة

 الابتلاء والصبر 29566152._SY475_ كتاب الهدوء لـ سوزان كين

 الابتلاء والصبر 1006433كتاب أيقظ قواك الخفية لأنتونى روبنز

 الابتلاء والصبر Ketab4pdf.blogspot.com-mghtrbonرواية المغتربون

 الابتلاء والصبر Ketab4pdf.blogspot.com-kabsolaكتاب كبسولة قبل الامتحان

 الابتلاء والصبر 157637كتاب أسلحة، جراثيم، فولاذ - مصائر المجتمعات البشرية لجارد دايموند

 الابتلاء والصبر Coverتحميل وقراءة كتاب "فن الحرب" لسون تزو

 الابتلاء والصبر 1657915692تحميل كتاب سيكولوجية الجماهير لـ غوستاف لوبون

 الابتلاء والصبر %25D9%2584%25D8%25A3%25D9%2586%25D9%2583%2B%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2584%25D9%2587كتاب "لأنك الله" للشيخ علي بن جابر الفيفي

 الابتلاء والصبر 22796308كتاب ''العوالم المتوازية للذات'' للكاتب فريدريك داودسون

 الابتلاء والصبر Images?q=tbn:ANd9GcTuIfDOGtIWB7LPzk_M25DnL7Wffx8dg4CDc0Tw8jH3to4YNYfi تحميل كتاب التغلب على الخجل لجون ووكر و موري شتاين

 الابتلاء والصبر 2vY2A12تحميل كتاب "الأهداف" لبراين ترايسي

 الابتلاء والصبر Imageتحميل كتاب ''قوة الفشل'' لشارلز مانز

الزوار
Flag Counter
اعجبني الموقع

الابتلاء والصبر

اذهب الى الأسفل

 الابتلاء والصبر Empty الابتلاء والصبر

مُساهمة من طرف Admin الجمعة أكتوبر 07, 2016 9:08 am

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الابتلاء والصبر

عبد الله بن محمد البصري

لخطبة الأولى:

أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله - عز وجل - في السر والعلن، وطاعته في المَنْشَط والمَكْرَه، وذكره في الرخاء والشدة، والصبر على طاعته وعن معصيته وعلى أقداره المؤلمة، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران: 200]، (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: 10].

واعلموا ـ رحمني الله وإياكم ـ أنكم تعيشون بدار ابتلاء وامتحان، وتحيون حياة فتن واختبار، رماح المصائب عليكم مُشْرَعَة، وسهام البلاء إليكم مُرْسَلَة، قضاء الله فيكم نافذ صائر، وحكمه فيكم حاصل سائر، لا رادّ لما قضاه وقدّره، ولا مانع لما أراده ودبّره، (فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [غافر: 68]، (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا) [الأحزاب: 38].

أيها المسلمون، لقد جبل الله الدنيا على الكَدَر وعدم الصفو، وقدّر أن تكون دار متغيّرات ومتناقضات، إن أضحكت يومًا أبكت أيامًا، وإن سرّت حينًا أحزنت أحيانًا، صحيحها إلى سَقَم، وكبيرها إلى هَرَم، وحيّها إلى فناء، ووجودها إلى عدم، شرابها سراب، وعمارتها خراب، هذا مستبشر بمولود فرح بقدومه، وذاك مغموم لفقد حبيب حزين لفراقه.

على ذا مضى الناسُ اجتماعٌ وفرقةٌ ** ومَيْتٌ ومولـودٌ وبِشْرٌ وأحـزانُ

لا بدّ للمرء من ضِيـقٍ ومن سَعَةٍ ** ومـن سرورٍ يُوافـِيهِ ومن حَزَنِ

واللهُ يطـلبُ منه شُـكرَ نعمتِـهِ ** ما دام فيها ويبغي الصبرَ في المِحَنِ

قال أبو الفرج ابن الجوزي - رحمه الله -: "ولولا أن الدنيا دار ابتلاء لم تَعْتَوِرْ فيها الأمراضُ والأكدار، ولم يضق العيش فيها على الأنبياء والأخيار، فآدم يعاني المحن إلى أن خرج من الدنيا، ونوح بكى ثلاثمائة عام، وإبراهيم يكابد النار وذَبْحَ الولد، ويعقوب بكى حتى ذهب بصره، وموسى يقاسي فرعون ويلقى من قومه المحن، وعيسى ابن مريم لا مأوى له إلا البراري في العيش الضَّنْك، ومحمد يصابر الفقر وقَتْلَ عمه حمزة وهو أحب أقربائه إليه ونفور قومه عنه، وغير هؤلاء من الأنبياء والأولياء مما يطول ذكره، ولو خُلِقت الدنيا للذة لم يكن حظّ للمؤمن منها".

ودخل سلمان الفارسي على صديق له يعوده فقال: (إن الله - تعالى -يبتلي عبده المؤمن بالبلاء ثم يعافيه، فيكون كفارة لما مضى، فيستعتب فيما بقي، وإن الله عز اسمه يبتلي عبده الفاجر بالبلاء ثم يعافيه، فيكون كالبعير عَقَلَه أهله ثم أطلقوه، فلا يدري فيم عَقَلُوه حين عَقَلُوه، ولا فيم أطلقوه حين أطلقوه).



نعم أيها الإخوة، إن الله يبتلي عباده جميعًا، مؤمنهم وكافرهم، وبرّهم وفاجرهم، فكل يأتيه من المصائب والبلايا نصيب، فهذا يُبتلَى بمرض مُزْمِن، وذاك يُصاب بجائحة في ماله أو ولده، وهنا مُبتلَى بموت قريب، وهناك مصاب بفقد حبيب، ولكنّ الناس يختلفون في استقبال هذه المصائب والرزايا، فمنهم من يستقبلها بالتسخط والجزع، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فهذا بشرّ المنازل وأدناها، ومنهم من يصبر ويصابر، ومنهم من يرضى ويستسلم، ومنهم من يشكر الله ويحمده.

قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله -: "الناس حال المصيبة على مراتب أربع:

المرتبة الأولى: التسخط، وهو على أنواع: النوع الأول: أن يكون بالقلب، كأن يتسخّط على ربه يغتاظ مما قدره الله عليه، فهذا حرام وقد يؤدي إلى الكفر، قال - تعالى -: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ) [الحج: 11]. النوع الثاني: أن يكون التسخّط باللسان، كالدعاء بالويل والثبور وما أشبه ذلك، وهذا حرام.

النوع الثالث: أن يكون التسخّط بالجوارح، كلطم الخدود وشق الجيوب ونتف الشعوروما أشبه ذلك، وكل هذا حرام مناف للصبر الواجب.

المرتبة الثانية: الصبر، وهو كما قال الشاعر:

والصبرُ مثلُ اسمه مُرٌّ مَذَاقُهُ ** لكنْ عواقبه أحلى من العَسَلِ

فيرى أن هذا الشيء ثقيل عليه، لكنه يحتمله، وهو يكره وقوعه، ولكن الصبر يحميه من السخط، فليس وقوعه وعدمه سواء عنده، وهذا واجب؛ لأن الله - تعالى -أمر بالصبر فقال: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 46].

المرتبة الثالثة: الرضا، بأن يرضى الإنسان بالمصيبة، بحيث يكون وجودها وعدمها سواء، فلا يشق عليه وجودها ولا يتحمل لها حملاً ثقيلاً، وهذه مستحبة وليست بواجبة على القول الراجح، والفرق بينها وبين المرتبة التي قبلها ظاهر؛ لأن المصيبة وعدمها سواء في الرضا عند هذا، أما التي قبلها فالمصيبة صعبة عليه، لكن صبر عليها.

المرتبة الرابعة: الشكر، وهو أعلى المراتب، وذلك بأن يشكر الله على ما أصابه من مصيبة، حيث عرف أن هذه المصيبة سبب لتكفير سيئاته، وربما لزيادة حسناته، قال: ((ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفَّر الله بها عنه، حتى الشوكة يُشاكُها))" انتهى كلامه - رحمه الله -.

أيها المسلمون، هنالك أمران مما يسلّي المؤمن في مصيبته ويعينه عند محنته، ينبغي أن يضعهما كل مبتلى نصب عينيه وأمام ناظريه:

الأمر الأول: أن يعرف أن أهله وماله ملك لله - عز وجل - على الحقيقة، وأنه ليس إلا أمينًا على ما في يده، فإذا أخذه الله منه فكأنه رد الأمانة إلى صاحبها، فليس العبد هو الذي أوجد الشيء، وإنما المالك الحقيقي لذلك هو الله - عز وجل -، وهو المتصرف فيما يريد كيف يشاء.

الأمر الثاني: ما دام مصير العبد إلى الله فيجب عليه أن يعلم أن هذه الدنيا قصيرة مهما طالت، وأنه سيتركها عاجلاً أو آجلاً، وأنه سيلقى ربه كما خُلِق أول مرة بلا أهل ولا مال، وإنما سيلقاه بحسناته وسيئاته، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يفرح بموجود ويحزن لمفقود؟!

فيا من بليت بمصيبة أو رَزِيّة من مرض مزعج أو ألم مُضْن أو فقد قريب أو موت حبيب، عليك بالصبر؛ فإنه مرضاة للرب، مؤنس للقلب، مُذْهِب للهَمّ، طارد للغَمّ، مُعْظِم للأجر، مُؤْذِن بالعِوَض. عليك بالصبر؛ فإنه مطية لا تكبو، وصارم لا يَنْبُو، وحصن لا يهدم، وحَدّ لا يُثْلَم. عليك بالصبر؛ فإنه حسن توفيق وأمارة سعادة وعنوان إيمان ودليل إذعان.

إن الذي عَقَدَ الذي انعقدت له ** عُقَدُ المكاره فيك يملك حَلّها

صبرًا فـإن الصبر يعقب راحة ** ولعـلّها أن تنجلـي ولعلّها

إذا ادْلَهَمّت الأمور واسودت الحياة وعظمت المصائب وكثرت الرزايا فالصبر ضياء. إذا نزل المكروه وحَلّ الأمر المخوف وعظم الجزع واحتيج لمصارعة الحُتُوف فالصبر التجاء، إذا انسدت المطالب وهيمن القلق واشتد الخوف وعظمت الكربة فالصبر دواء. إذا أصبح الدين في غربة والإسلام في كُربة وعمت المعاصي وعظمت الشبهات والشهوات فالصبر عزاء.

قال: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله - تعالى -وما عليه خطيئة))، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبْتَلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رِقّة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة))، ويقول: ((إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله - تعالى -إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط))، وعن أبي موسى أن رسول الله قال: ((إذا مات ولد العبد قال الله - تعالى -لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله - تعالى -: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه: بيت الحمد))، وفي الحديث القدسي يقول الله- تبارك وتعالى -: ((ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة))، وعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله يقول: ((ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها إلا آجره الله - تعالى -في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها))، قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أيّ المسلمين خير من أبي سلمة؟! أول بيت هاجر إلى رسول الله، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي خيرًا منه: رسول الله. وقال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -: "ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعاضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيرًا مما انتزعه".

حدّثَ أحدهم فقال: كان لإبراهيم الحربي ابن كان له إحدى عشرة سنة، حفظ القرآن، ولقّنه من الفقه جانبًا كبيرًا، قال: فمات فجئت أعزيه، فقال: كنت أشتهي موت ابني هذا، قال: فقلت له: يا أبا إسحاق، أنت عالم الدنيا تقول مثل هذا في صبي قد أنجب ولقّنته الحديث والفقه؟! قال: نعم، رأيت في منامي كأنّ القيامة قد قامت، وكأن صبيانًا بأيديهم قِلال فيها ماء يستقبلون الناس فيسقونهم، وكان اليوم حارًا شديدًا حره، قال: فقلت لأحدهم: اسقني من هذا الماء، قال: فنظر وقال: ليس أنت أبي، قلت: فأي أنتم؟ قال: فقال لي: نحن الصبيان الذين متنا في دار الدنيا وخلّفنا آباءنا، فنستقبلهم فنسقيهم الماء، قال: فلهذا تمنيت موته.

ألا فليتق الله كل مسلم يصاب بمصيبة أو رَزِيّة، وليحذر حال مصيبته كل الحذر أن يتكلم بشيء يسخط ربه ويحبط أجره مما يشبه التظلم، فإن الله - تعالى -عادل لا يظلم ولا يجور، عالم لا يضل ولا يجهل ولا ينسى، حكيم في أفعاله وأقداره، فعّال لما يريد، له الأمر من قبل ومن بعد، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله: ((ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية)).

اصْبِرْ لكـلِّ مصيبـةٍ وتجَلَّدِ ** واعلم بأنّ المرءَ غيرُ مُخَلـَّدِ

أَوَما ترى أنّ الْمصائبَ جَمَّةٌ ** وترى الْمنيّةَ للعبـاد بِمَرْصَدِ

مَن لم يُصب ممن ترى بمصيبةٍ ** هذا سبيلٌ لستَ فيـه بأَوْحَدِ

وإذا ذكرتَ مصيبةً تَسْلُو بها ** فاذكر مُصَـابَكَ بالنبي محمّدِ

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 153-157].

الخطبة الثانية:

أما بعد: فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ حق تقاته، وسارعوا إلى مغفرته ومرضاته.

واعلموا أنه ليس الخطب في أن يصاب المرء في دنياه في نفسه أو أهله أو ولده أو ماله أو قرابته، فهذه سنة الله - عز وجل - في عباده، (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) [الأحزاب: 62]، فقد تكون المصيبة لذنب ارتكبه أو لسوء فعله أو لظلم وقع فيه، نسيه أو تناساه، ولكن الله - عز وجل - مطّلع عليه، ويعلم سره ونجواه، قال - تعالى -: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى: 30]، وقال - تعالى -: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41]، وقال - سبحانه -: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) [آل عمران: 165]، وفي سنن الترمذي عن أبي موسى الأشعري عن النبي أنه قال: ((لا يصيب عبدًا نَكْبَةٌ فما فوقها أو دونها إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر))، ثم قرأ: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى: 30]، وقد تكون المصيبة ـ أيها الإخوة ـ من أجل تكثير الحسنات ورفع الدرجات، وقد تكون من أجل أن يشعر المسلم بضعفه وعجزه وافتقاره إلى ربه - جل وعلا - وأنه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا.

عباد الله، ليس الخطب في هذا، ولكنّ الخطب فيما وقع فيه أكثر الناس اليوم، وهو الجزع والهلع من المصيبة في الدنيا إذا وقعت، والتسخط والتأوّه منها، والإعراض عن الآداب الشرعية التي شرعت للمسلم عندما تحل به مصيبة في الدنيا، والوقوع في أعمال تنافي الإيمان وتضعفه في القلب، وتوجب الاعتراض على القضاء والقدر، ثم الغفلة بعد ذلك عن مصيبة الدين، فتجد المسلم يترك الصلاة ولا يعدّ ذلك مصيبة، يأكل الربا والرشوة ولا يعد هذا من البلاء، يقع في الفواحش والمنكرات ولا يعد هذا من الرزايا، يرفع الدشّ على سطح منزله ولا يعد ذلك رَزِيّة وبَلِيّة، يقع في عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام ولا يكترث لذلك، يقع في ظلم الناس وأكل أموالهم وحقوقهم ولا يخاف لذلك ولا يهتزّ له قلب أو عضو، لقد صدق في الناس اليوم قول الصحابي الجليل أنس بن مالك في أهل زمانه: (إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد النبي من الموبقات)، قال أبو عبد الله البخاري - رحمه الله -:"يعني بذلك من المهلكات".
Admin
Admin
مدير المنتدى
مدير المنتدى

الابراج : الجوزاء
عدد الرسائل : 2283
العمر : 34
نقاط التميز : 5796
السٌّمعَة : 47
تاريخ التسجيل : 15/12/2008

https://medamin.ahlamontada.com/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى