أمواج الجاذبية: هل تمكن علماء الولايات المتحدة من سماع صدى الانفجار العظيم؟

من طرف **Admin** الأحد مارس 16, 2014 5:42 pm

إذا تم تأكيد اكتشاف أمواج الجاذبية عبر تليسكوب "بايسب Bicep" في القطب الجنوبي، فإن العلماء سيتمكنون من الحصول على رؤيا أفضل لكيفية نشوء وتشكّل الكون، وسنكون على أعتاب معلم وحدث فيزيائي تاريخي جديد.

يتداول وسط عُلماء الكونيات بهذا الوقت تخميناً قوياً حول تمكّن فريقٌ بحثي في الولايات المتحدة الأمريكية من الوصول لحدود إثبات وجود "موجات الجاذبية البدائية Primordial Gravitational Waves" والتي يُعتقد أنها تُشكّل صدى للانفجار العظيم الذي حدث قبل 13.8 مليار سنة من الآن، أي عند بدء تاريخ الكون.

وقد انتشرت العديد من الإشاعات ضمن المُجتمع العلميّ الفيزيائي حول إعلانٍ هام سيتم يوم الاثنين المقبل من مركز "هارفارد سميثسونيان" للفيزياء الفلكية. إذا تم إثبات وجود موجات الجاذبية، فإن هذا الاكتشاف سيُشكّل مَعلماً هاماً قد يُغيّر من شكل علوم الكون وفيزياء الجُسيمات.

تُعرف موجات الجاذبية في الوسط الفيزيائي بشكلٍ جيد، حيث تُشكّل آخر توقعات نظرية النسبية العامة General Relativity لآينشتاين والتي لم يتم اختبارها تجريبياً بعد، وهي عبارة عن تَموّجاتٍ صغيرة في نسيج الزمكان، تقوم بحمل الطاقة عبر الفضاء الواسع، بشكلٍ مشابه لأمواج المحيط. الآن، وفي حال تم تقديم إثبات تجريبي مُقنع حول وجود أمواج الجاذبية، فإن الفريق البحثي قد يَحصل مستقبلاً على جائزة نوبل لأهمية هذا الاكتشاف.

يقول هيرانيا بيريس - عالم كونيات في كلية لندن University College London :" إذا قام الفريق البحثي بالفعل عن إعلان وجود أمواج الجاذبية البدائية، فإنني سأحصل على كميةٍ كبيرة من الرضا. وإذا لم يقوموا بذلك...أوه! إلهي! أعتقد أنني سآخذ الأسبوع المقبل كُلّه عطلة ".

تأتي أهمية اكتشاف أمواج الجاذبية البدائية لكونها تُشكّل أحد الدلائل الأولية التي تعطي فكرةً واضحةً عن كيفية نشوء الكون وتشكله بدءاً من الانفجار العظيم.

كما يُشاع أيضاً في الأوساط الفيزيائية أن هذه الإشارة - أي الإشارة التي تحمل موجات الجاذبية البدائية - قد تم التقاطها عبر تليسكوب خاص يدعى Bicep: Background Imaging of Cosmic Extragalactic Polarization وهو موجود في القطب الجنوبي. يقوم هذا التليسكوب بإجراء مسح للسماء عند ترددات الأشعة الميكروية Microwaves، حيث يتم التقاط الطاقة "المتحجرة" من الانفجار العظيم.

لعدة عقود، اعتقد العديد من علماء الفلك والكونيات أنه يمكن الحصول على أمواج الجاذبية البدائية اعتماداً على الإشعاعات الميكروية. يقول بيريس :" لقد تم تسميتها بالكأس المقدسة لعلوم الكون. ستكون اكتشافاً هاماً. هاماً جداً جداً جداً ".

يعمل مارتين هندري من جامعة غلاسغو على عدة مشاريع تم تصميمها من أجل الكشف المباشر عن أمواج الجاذبية، وقد قال بهذ الخصوص :" إذا تمكن تليسكوب Bicep من الحصول على كشف، فإنه من الواضح أن هذه النافذة الجديدة على الكون - يقصد التليسكوب - مفتوحةٌ جداً ".

بحسب النّظرية، فإن أمواج الجاذبية البدائية ستكون قادرة على تزويدنا بمعلوماتٍ هامة حول تلك اللحظة الأولى والقصيرة جداً من بدء تأريخ الكون. يعتقد علماء الفلك والكونيات أنه بعد مرور (10^-34) ثانية من الانفجار العظيم، فإن الكون قد بدأ بالتوسع بشكلٍ كبير، وهي مرحلة "التضخم Inflation". تحاول النظرية الإجابة على سؤال هام يتعلق بمرحلة تضخم الكون: لماذا يبدي الكون تجانساً ملحوظاً بشكل كبير من مكانٍ لآخر؟

مع الأسف فإن المعلومات المتوافرة حتى الآن لم تكن كافية للإجابة عن هذا السؤال الجوهري، ولا يوجد تفسير فيزيائي مقنع يعطي جواباً عن سبب حدوث ذلك.

الآن، ومع الإعلان المنتظر القادم، قد يكون على الباحثين مضاعفة جهودهم ومساعيهم. يقول بيريس :" اعتُقِد لفترةٍ طويلة أن أمواج الجاذبية البدائية هي دخان البندقية التي سببت تضخم الكون". حيث يعتقد علماء الفلك أن مرحلة التضخم قد قامت بتكبير موجات الجاذبية البدائية إلى إشارة يمكن التقاطها.

يقول البروفيسور آندرو جافي - عالم فلك من الكلية الملكية في لندن Imperial College :" سيكون أمراً مثيراً جداً لو أن كشفاً قد تم تسجيله. هذا الأمر سيخبرنا بالعديد من الأمور المذهلة والأساسية حول ماذا قد حصل عندما كان عمر الكون 10^-34 ثانية فقط ".

المشكلة الأساسية التي رافقت عملية البحث عن أمواج الجاذبية هي أن استخلاص الإشارة التي تحملها هو أمر صعب ودقيق، فالأمواج الميكروية التي تحملها يتوجب عليها أن تعبر الكون كله قبل أن تصل للأرض، وخلال هذه الرحلة الطويلة فإن هذه الأمواج ستُشتت وتُشوَّه عبر التجمعات المجرية الكبيرة وغيرها من الأجسام الكونية والفلكية المنتشرة عبر الفضاء الواسع.

"إن الأمر يشبه النظر للكون عبر فقاعات زجاجية". كما يقول دانكن هانسن من جامعة ماكجيل في مونتريال، كندا. يقول هانسن أيضا أن الضجيج والتشوه الذي قد تحمله الإشارة يجب أن تتم إزالته بشكل مقنع قبل أن يقوم أي شخص بادعاء الكشف عن أمواج الجاذبية.

ينتظر المجتمع العلمي الفيزيائي الان الإعلان الذي سوف يتم يوم الاثنين المقبل بتمام الساعة الرابعة عصرا بتوقيت غرينيتش (4:00pm GMT)، ويأمل الجميع أن يتضمن الإعلان الكشف عن أمواج الجاذبية البدائية، لتكون بذلك ثاني معلم فيزيائي هام وتاريخي بقرننا الحالي، بعد الإعلان قبل سنتين عن تأكيد وجود جسيم هيغز-بوزون.

(*) - أمواج الجاذبية: القطعة الأخيرة التي لم يتم اختبارها من نظرية النسبية العامة لآلبرت آينشتاين. أمواج الجاذبية عبارة عن أمواج تنتشر عبر حقل الجاذبية، حيث تم التوقع (بحسب النسبية العامة) أن كتلةً متسارعة ستشع أمواج جاذبية. تم القيام بالعديد من المحاولات للكشف عن أمواج الجاذبية هذه بشكل مباشر من الفضاء، وذلك باستخدام الكواشف المعدنية العملاقة. وبحسب النسبية العامة، فإن عملية إطلاق نبضات من إشعاع الجاذبية ستسبب اهتزازاً للكاشف نفسه، وسيتم الكشف عن هذا الاضطراب باستخدام مبدل خاص. ولأن التفاعل الحاصل سيكون ضعيفاً جداً، فالواجب أن يتم الاهتمام بشكل كبير بموضوع التخلص من الضجيج الذي قد يرافق انتشار هذه الأمواج، خصوصاً الضجيج الحراري. وقد استخلصت بعض الأدلة غير المباشرة لموجات الجاذبية من نجوم نباضة "بولسار Pulsar" تشكل أنظمة نجمية ثنائية مع نجم آخر مرتبط بها. [المترجم - من قاموس جامعة أوكسفورد للفيزياء، إصدار عام 2000].

أمواج الجاذبية: هل تمكن علماء الولايات المتحدة من سماع صدى الانفجار العظيم؟ 10003500_450556168411432_741165130_n

المصدر:

http://www.theguardian.com/science/2014/mar/14/gravitational-waves-big-bang-universe-bicep

للمزيد حول موجات الجاذبية:

http://en.wikipedia.org/wiki/Gravitational_wave

للمزيد حول تليسكوب BICEP:

[url=http://bicep.caltech.edu/public/]http://bicep.caltech.edu/public/
[/url]